ظروفي ليست إلا قطرة في بحر الظلم - علاء عبد الفتاح، 7 تشرين الثاني/نوفمبر، 2019، أمام نيابة أمن الدولة.
تعرب "مؤسسة التخوم الإلكترونية" (EFF) عن بالغ قلقها على الصديق، المدوّن المصري، والمبرمج التقني، والناشط، علاء عبد الفتاح، الذي يُعتقل في السجن منذ أكثر من عامين في سجن طرّة شديد الحراسة، والذي يقع على بعد 12 ميلاً (20 كيلومتراً) في جنوب القاهرة. نقلت بعض التقارير الإعلامية عن محامي علاء أنّه يفكّر بالانتحار بسبب ظروف اعتقاله المأساوية في السجن. وقال محاميه، خالد علي، في 13 أيلول/سبتمبر، خلال جلسة الاستماع لتحديد ما إذا كنت ستستمر في حبسه احتياطياً، إنّ موكّله تحدّث عن ظروف رهيبة يمرّ بها، ناقلاً عنه قوله "مش هقدر أكمل كدا".
علاء عبد الفتاح، المناصر لحرية التعبير ومطوّر البرمجيات، لطالما تعرّض للاستهداف والسجن بسبب عمله على رفع أصوات المصريين وغيرهم من سكّان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وضمان خصوصيتهم على الويب. تعرّض علاء للسجن في ظلّ جميع الرؤساء المصريين الذين عاصرهم في حياته، وأمضى الكثير من أيام حياته في السجون منذ عام 2013 ما خلا بضعة أشهر. بعد تلقّي عائلته رسالة مكتوبة بخط اليد بعد أيام من جلسة الاستماع، حيث تعهّد ببذل قصارى جهده للتماسك وتحمّل ظروف السجن، لم تسمع عائلته أيّ خبر عنه منذ ذلك الحين. تحذّر عائلته من تدهور حالته النفسية، في حين تواظب والدته وشقيقاته على زيارة السجن بصورة شبه يومية على أمل الحصول على رسالة منه من دون أيّ جدوى. انتشرت أخبار عن ظروف اعتقاله تحت هاشتاغ #الحرية_لعلاء و #SaveAlaa على وسائل التواصل، ونحن بدورنا نتضامن مع عائلة علاء، وأصدقائه، وداعميه، من أجل مطالبة السلطات المصرية بالإفراج الفوري عنه.
يصدر قريباً كتاب يتضّن مقالات علاء في السجن، وبعض المقابلات التي أجراها، والمقالات التي كتبها، بعنوان "أنت لم تُهزم بعد" (You Have Not Yet Been Defeated)، تقدّم له نعومي كلاين (اطلبوه مسبقاً من هنا أو هنا)، ويتضمّن كلمات مؤثّرة من البيان الذي قدّمه علاء إلى النيابة العامة في جلسة الاستماع التي انعقدت في شهر كانون الثاني/يناير 2020.
" أنا محبوس كإجراء احترازي بسبب وضع سياسي مأزوم، وثمّة خوف من أنّني قد اشتبك معه؛ بشكل واضح، أنا محبوس بسبب مواقفي السابقة - والتي لا أنكرها - لكنّني الآن أرى أنّ المجتمع المصري منهك من عدة مشاكل ومن سوء الإدارة. أصبحت الأجهزة الأمنية عاجزة عن فهمي وفهم ما يدور في عقول وقلوب أمثالي".
بدأ علاء عبد الفتاح باستخدام مهاراته التقنية منذ حوالي 20 عاماً من أجل ربط التقنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع بعضهم البعض، ومن أجل بناء منصّات تمكّن الآخرين من تبادل الآراء والتحدّث بحرية وخصوصية. والدور الذي لعبه باستخدام التكنولوجيا لرفع أصوات زملائه المصريين، وكذلك مشاركته في المظاهرات في ميدان التحرير، جعلت منه واحداً من أبرز الأصوات العالمية خلال الربيع العربي، وكذلك هدفاً للأنظمة القمعية التي تعاقبت على حكم البلاد. استخدمت هذه الأنظمة قوانين مكافحة الإرهاب من أجل إسكات المنتقدين والمعارضين، وزجّت بهم في السجون، حارمةً إياهم من أبسط الإجراءات القانونية ومن حقوق الإنسان الأخرى.
تعرّض علاء عبد الفتاح للاعتقال آخر مرّة في عام 2019، بعد ستة أشهر فقط على الإفراج عنه، بعدما قضى خمسة أعوام في السجن بسبب دوره في مظاهرات عام 2011 السلمية. أعيد توقيف علاء، وسط حملة واسعة لاعتقال الناشطين وتوقيفهم، بتهم نشر أخبار كاذبة والانتماء إلى جماعات إرهابية، لتنضمّ قضية اعتقاله التعسّفي إلى عدد من القضايا الأخرى التي استخدم فيها المدّعون العامّون وقضاة التحقيق الحبس الاحتياطي كنوع من العقاب. وكان قانون مكافحة الإرهاب قد عُدّل في عام 2015، أي في عهد الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، بحيث تُمدّد فترة الحبس الاحتياطي لمدّة عامين وإلى أجل غير مسمّى في قضايا الإرهاب.
يستمرّ اعتقال علاء عبد الفتاح من دون محاكمة في سجن طرّة، وسط منعه من قراءة الكتب أو الصحف، ومنعه من ممارسة التمارين أو الخروج من الزنزانة. ومنذ انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، فُرضت قيود جديدة لا تسمح إلّا بزيارة واحدة في الشهر لمدّة 20 دقيقة.
واصل علاء عبد الفتاح على مرّ السنين الحديث عن حقوق الإنسان، حتّى خلال فترات سجنه، مبدياً شجاعةً كبيرة في مواجهة الظروف التي تهدف إلى إسكاته. والآن، ستصبح نداءاته للعدالة وحرية التعبير متاحة للجميع في كتاب باسم "أنت لم تُهزَم بعد" الذي سيصدر في ربيع عام 2022، ويمكن طلبه مسبقاً على موقع "أمازون" ومصادر أخرى على الإنترنت. يتحدّث علاء في هذا الكتاب بشغف عن حبّه لوطنه، كما وعن الأسباب التي دفعته إلى الوقوف في وجه النظام والانضمام إلى المتظاهرين في ميدان التحرير.
"نذهب للميدان لنكتشف أنّنا نحب الحياة خارجه، ولنكتشف أنّ حبّنا للحياة مقاومة. نجري نحو الرصاص لأنّنا نحب الحياة، وندخل السجن لأنّنا نحبّ الحرية. البلد هو ما نحبّ وما نحيا، ما يفرحنا وما يحزننا. لو سقطت الدولة لن يبقى فقط الميدان، ستبقى محبة الغريب وكل ما دفعنا للميدان وكل ما تعلمناه فى الميدان". - أبو خالد، صباح الجمعة 9/12/2011، زنزانة 6/1، عنبر 4، سجن طرة - تحقيق.
تحذّر عائلة علاء عبد الفتاح من أنّ #علاء_في_خطر بسبب تدهور حالته النفسية بعد سنتين من معاملته بقسوة من قبل وزارة الداخلية والأمن الوطني. وقالت العائلة في بيان إنّ "حياته في خطر، في سجنٍ يعمل تماماً خارج مساحة القانون وفي تجاهل تام من كل المسؤولين".
نحثّ الجميع على طلب كتاب علاء "أنت لم تُهزَم بعد"، والتواصل مع ممثّليهم المنتخبين من أجل التواصل مع نظرائهم في مصر بشأن هذه القضية، وينبغي لنا أن نساهم في نشر قضيته والضغط على الحكومة المصرية من أجل الإفراج عنه. يمثّل كتاب علاء دليلاً على صموده، ونحثّ الجميع على بذل ما في وسعهم لمساندة علاء الذي يناصر الحقّ في حرية التعبير وتكوين الجمعيات وحرية التجمّع، كي لا يُهزم.