لسنوات عدة، راقبت مؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF) وضعًا خطيرًا في مصر ألا وهو تزايد تعرض الصحفيون والمدونون والنشطاء للمضايقة والتوقيف والإعتقال والسجن من قبل نظام السيسي، غالباً من غير محاكمة. تفاقمت هذه الحوادث منذ بدأ وباء فايروس كورونا (كوفد 19) وزاد أثرها السلبي على حرية التعبير على النت وخارجها.
كما أكدنا سابقاً، بات مهماً أكثر من أي وقت مضى خلال أزمة كورونا أن يتمكن الأفراد من الأفصاح ومشاركة المعلومات عبر النت. فضمان حرية التعبير والوصول إلى المعلومات أمراً بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح ومواجهة حجب أوتشويه البيانات العلمية من قبل الحكومات والحكام الاستبداديين. وقد قامت الحكومة المصرية منذ بدء الأزمة بطرد الصحفيين من مصر بسبب تقاريرهم عن الوباء واعتقلت آخرين بتهم زائفة إثر محاولتهم تغطية تأثير الوباء على السجون. فتم ترحيل مراسلة صحيفة الغارديان وإصدار تحذير لمراسل صحيفة النيويورك تايمز. كما تم القبض خلال الأسبوع الفائت على نورة يونس، رئيسة تحرير موقع المنصة، بتهم تتعلق بجرائم المعلوماتية (تم الإفراج عنها لاحقاً)، وأبلغت لجنة حماية الصحفيين أن أربعة صحفيين على الأقل اعتقلوا خلال فترة الوباء وما زالوا قيد الإعتقال.
وتزايدت مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ أدى إلى نتائج كارثية إثر حظر المجلس الأعلى لتنظيم وسائل الإعلام نشر أي بيانات تتعارض مع البيانات الرسمية لوزارة الصحة. فقد أرسل المجلس رسائل تحذيرية إلى مواقع إخبارية وحسابات تواصل اجتماعي يتهمهم فيها بنشر أخبار مضللة، كما اعتقل عدة أشخاص لمجرد نشر معلومات عن الفيروس. وقد وصفت التحاليل هذا النوع من الحظر الواسع تحت مظلة مصالح الأمن القومي على أنها رقابة شاملة على جميع المجالات وفي كافة أنحاء البلاد، بما فيها الحد من استخدام الصحفيين لأسماء مستعارة وتجريم مناقشة الموضوعات الحساسة بما فيها الأزمة مع ليبيا. فتزايد هجوم الحكومة على حرية التعبير بات أكثر خطراً على تداول المعلومات الصحيحة والمهمة.
إن هجوم الحكومة المصرية على التعبير لا يقتصر على حرية الرأي على النت. فقد زادت الشرطة المصرية الأمور سوأ إثر مضايقة وضرب واعتقال متظاهرين يطالبون بإطلاق سراح السجناء أو يسألون عن أقاربهم في السجون المكتظة والمعرضة للإصابة بالفيروس. فقد اعتدت الشرطة الأسبوع الفائت على عائلة المبرمج والمدون والناشط المصري البارز علاء عبد الفتاح (وكنا قدمناه في حملة أوفلاين) أثناء احتجاجهم أمام سجن طره حيث يحتجز. في اليوم التالي وعند وصولها لتقديم شكوى بشأن الاعتداء واحتجاز علاء، أُجبرت شقيقته سناء سيف على ركوب سيارة أمن متخفية من أمام مبنى المدعي العام. سناء وآخرين قيد الاحتجاز السابق للمحاكمة الآن ولمدة خمسة عشر (قد تمدد) بحسب الشرطة، بتهمة "بث أخبار وهمية وشائعات حول تدهور الأوضاع الصحية للبلاد وانتشار فيروس كورونا في السجون" على موقع فيسبوك.
إثر جميع هذه الإجراءات التي تعرض صحة وسلامة المواطنين المصريين للخطر، نضم صوتنا إلى صوت التحالف الدولي لمنظمات حقوق الإنسان والحريات المدنية لنطالب بالإفراج عن علاء وسناء. كما نطالب الحكومة المصرية بوجوب وقف اعتداءاتها وفوراً على حرية الرأي وحرية التعبير. فلنرفع أصوات الذين يتم إسكاتهم لضمان سلامة الجميع في كافة أنحاء البلاد.
صورة بانر CC-BY ، بواسطة مولي كرابابل.